vendredi 27 juin 2008

samedi 24 mai 2008

jeudi 10 janvier 2008

this's an old photo of Bounoura

After 2001

mardi 2 janvier 2007

نزوح الإباضية إلى مزاب

اعتناق بني مصعب للإسلام عند انتهاء الفتح الإسلامي لشمال أفريقيا عام 84 هـ/703م اعتنق البربر الإسلام، وساهموا في نشره، وسبقت إلى بني مصعب أصول المعتزلة لما ظهرت المذاهب الفقهية، فكانوا واصلية نسبة إلى واصل بن عطاء، ومن أشهر علماء المصعبيين المعتزلة سليمان بن عبد الجبار المدفون بالعطف، فكان يتميز المذهب الاعتزالي بالطابع العقلي الصارم لفهم النصوص الشرعية من الكتاب والسنة، مؤسسه هو واصل بن عطاء المتوفى 131هـ، ومن أشهر أعلامها هم: عمر بن عبيد، العلاف، والنظام.

نشأة المذهب الإباضي:
كان المسلمون في الصدر الأول من الإسلام كتلة واحدة متماسكة، تحتضنهم عقيدة الإيمان، وكانت مشكلة الخلافة أول مسألة اشتد فيها الخلاف بين المسلمين بعد وفاة النبي (ص) خاصة أنه لم يرد في القرآن الكريم نص صريح يتم بموجبه اختيار رئيس الدولة، وإنما جعل الأمر شورى بين المسلمين "وأمرهم شورى بينهم" كما أن الرسول (ص) لم يعين الشخص الذي يتولى زعامة المسلمين بعده، وفي هذا كل الحكمة حتى يكون المسلمون في سعة من أمرهم، فيختارون رئيسهم اللائق بهم حسب الظروف الزمانية والمكانية.
فالمذهب الإباضي هو أول المذاهب الإسلامية نشوءا وأقربها إلى عهد النبوة موردا، إمامه الفقيه المحدث جابر بن زيد (21هـ/93هـ)، جذور المذهب ترجع إلى ظهور فرقة المحكمة التي رفضت خدعة التحكيم (التي دبرها عمرو بن العاص مستشار معاوية في معركة صفين لوقف القتال) بعد تمرد معاوية على الإمام علي بن أبي طالب (ض) الخليفة المبايع بالبيعة الشرعية، وبعد الوشاية التي أشار بها رجال معاوية المندسين في جيش علي كانت معركة النهروان سنة 38هـ حيث باغتهم وهم –المحكمة- بين راكع وساجد، فهزموا وقتل إمامهم وتفرق جمعهم، لكن دون أن تموت دعوتهم؛ وفي حدود سنة 64هـ قرر رؤساء المحكمة مصير حركتهم، وعلاقتهم بالدولة الأموية الجائرة، فتطرفت جماعات منهم في الحكم على المسلمين، واعتدلت جماعة منهم إذ حكمت على مخالفيها بالتوحيد وحرمت الدماء والأموال والأعراض إلا بحقها، وآثرت الجنوح للسلم، وتبرأت من الخوارج، وقد عرفت هذه الجماعة بالإباضية.

حملة العلم إلى شمال أفريقيا:
في الوقت الذي ترسخ فيه المذهب الإباضي في البصرة أثناء النصف الثاني من ق 1هـ، كان الإسلام نفسه قد ترسخ في شمالي أفريقية برغم ما لقيه في البداية من معارضة، كان سلمة بن سعد الحضرمي ذو صلة بالبصرة وبشمالي أفريقية في نشر تعاليم المذهب..، فأسفرت زياراته عن إيفاد الطلبة المعروفين في وقت لا حق بـ (طلبة العلم) إلى البصرة لدراسة التعاليم الإباضية على يدي الإمام الثاني للمذهب الإباضي أبو عبيدة مسلم بن أبي كريمة"، ويكمل أيضا: "وقد جرى اختيارهم من مناطق مختلفة، بحيث أن أكثر المراكز أهمية في شمالي إفريقية الأوسط كانت ممثلة، لكي يكون بالتالي لكل منطقة زعيمها الديني من السكان الأصليين، وهؤلاء الطلبة هم
1:
أبو درار إسماعيل بن درار الغدامسي، من غدامس (نفوسة – ليبيا).
- عبد الرحمن بن رستم، فارسي الأصل، من القيروان (تونس).
- عاصم السدراتي، من سدراتة (الجزائر).
- أبو داود القبلي، النفزاوي، من نفزاوة (تونس).
- أبو الخطاب عبد الأعلى بن السمح المعافري، من اليمن".
وانتشر المذهب في أغلب مدن شمال أفريقيا كالجريد، نفوسة، طرابلس، غدامس، بلاد أريغ، بلاد الزاب (تمتد من الجزائر إلى ليبيا)، نفزاوة، فزان، وادي ملوية، سجلماسة، القيروان، جربة، وجبال الأوراس.

الإباضية بوادي مزاب:
بعد انقراض الدولة الرستمية سنة 296هـ/906م (التي قامت سنة 160هـ/776م) نزح جمع من خاصة وعامة الرستميين إلى منطقة وارجلان، فأنشؤوا بعد مدة قصيرة مدينة سدراتة في ق 4هـ، التي انقرضت نهائيا في أوائل ق 7هـ بسبب هجوم أبى إسحاق الميورقي، حيث ابتدأت الهجرة إلى وادي ميزاب في أوائل ق 5هـ من سدراتة ووارجلان ووادي ريغ، فتحول بني مصعب إلى المذهب الإباضي من خلال الدعوة التي قام بها أبو عبد الله محمد بن بكر الفرسطائي.

لماذا اختار الإباضية منطقة ميزاب؟:
يشير العديد من المؤرخين بشكل شبه متطابق إلى الأسباب التالية:
في أوائل ق 5هـ توالى الجفاف على منطقة وارجلان وما جاورها عددا من السنين، وزحفت كثبان من الرمال على سدراتة، وكانت بعض الأودية التي تنساب تحت طبقات من الأرض، حتى إذا وصلت إلى منطقة سدراتة ووارجلان نبعت على شكل عيون غزيرة المياه، قد تغيرت مجاريها، فغارت تلك العيون النابعة منها، فضاقت الحياة بالناس لا سيما أصحاب الماشية، ودرس القوم موقفهم، وكان الإمام أبو عبد الله من بينهم، فلم يجدوا منتجعا لإنقاذ ماشيتهم غير بادية بني مصعب.
2
ولما غصت بلاد وارجلان وأريغ برجال الإباضية وأرادت أن تتنفس في معيشتها فيما جاورها، رأت جبال بني مصعب -وادي مزاب- أحسن ملجأ لها، وأمنع حصن لأجيالها المتعاقبة فتكاثرت الهجرة إليها منها ومن سجلماسة بعد انقراض ملك بني مدرارا مستعمرة تيهرت ومن نواحي المغرب فتكونت بذلك في عصور متعاقبة بلاد ميزاب السبع.
3
انعقد مؤتمر بأريغ حوالي 420هـ للنظر في مسائل تهم الوطن، منها قضية اللاجئين من فلول رعايا بني رستم..، وقد غص أريغ بسكانه، وبأولئك اللاجئين، فاقتضى رأي المؤتمر على انتداب العلامة أبى عبد الله محمد بن بكر ليجول في صحراء جنوب المغرب الأوسط عله يجد ما عسى أن يمكن التفسح فيه لأولئك اللاجئين وغيرهم من الإباضية بأريغ، خرج العلامة برفقة أبنه وغلامه فساحوا بنواحي الجنوب، فوقع اختيارهم على وادي مزاب، إلا أنه معمور بكثير من المعتزلة، .. رجع الرأي والمشورة إلى مؤتمر أريغ فانعقد ثانيا، واتفق رأيه على النزوح إلى هذا الوطن وتعميره بما يصلح سكانه المعتزلة من العلم والألفة وحسن الجوار.
4
لأن محمد بن بكر بنظامه الاجتماعي الفريد، وتلاميذه الكثيرين، ومدرسته المتنقلة، ومواشيه الوافرة، ينتقل بين أودية آجلو وأريغ ووارجلان، كان أحيانا ينتجع بادية بني مصعب، فيصيب منها ويعود، فتكونت بينه وبين بني مصعب معرفة لم تلبث أن تطورت إلى مودة.
5
فنزل بتلامذته مدينة العطف، ووجد فيها السكان الواصليين، فبنى مسجده سنة 442هـ، ولا يزال معروفا قائما في العطف إلى يومنا هذا، فباشر فيه مهمته التي جاء من أجلها، وهي الدعوة إلى المذهب الإباضي وإلى سير العزابة ونظمها.
6
فبالرغم من وعورة المنطقة وعدم صلاحيتها الزراعية إلا أن الإباضية اختاروها ملجأ لهم بعد عمليات التشريد التي تعرضوا لها طوال حياتهم، ولعل طبيعتها تلك هي التي جعلتهم يفضلونها على غيرها حتى لا يزاحمهم العرب أو البربر، فيحيون حياة طيبة تطبق فيها القوانين والأحكام الإباضية حتى لا يتعرضوا لمثل ما تعرضوا له في سدراتة ووارجلان.
7

تحول بني مصعب من الاعتزال إلى المذهب الإباضي:
ليس أهل هؤلاء القرى (مزاب) إباضية من أول، بل كانوا معتزلة يسافرون إلى تاهرت لقتال الإباضية..
8
فاستطاع الشيخ (أبو عبد الله محمد بن بكر) الذي كان يشتي في أريغ، ويربع في البراري عند بني مصعب وغيرهم، وكانوا إذ ذاك واصلية، أن يرد بعضهم إلى الوهبية (الإباضية).
9
ويذكر أن استجابة بني مصعب للشيخ أبي عبد الله محمد بن بكر لاعتناق المذهب الإباضي لم تكن بالأمر السهل، إذ قتلوا أحد أبنائه وهو إبراهيم، كما أن هذه الاستجابة لا نتصور أنها كانت جماعية وفورية، فقد ظل عدد كبير منهم اعتزاله زمنا، والدليل على ذلك وجود مقابر للمعتزلة مجاورة للعطف وأغرم أنواداي لمليكة؛ والدليل الثاني ما رواه الشيخ امتياز: "في بنورة بناحية ختالة مقبرة من .. النفوسيين، استشهدوا في بعض المعارك بين المعتزلة النازحين إلى مزاب، وذلك أواخر القرن الخامس".
10

استقبال بني مصعب للمهاجرين من مختلف الجهات:
وبعد انقراض الدولة الرستمية جاءت فلول الإباضية فانضموا إلى من سكن هذه القرى من المعتزلة، وجاء أيضاً أولاد عبد الله من المغرب، كما جاء منه بابه عيسى العلواني، وجاء قوم من نفوسة وأكثرهم نزل يسجن، وهم أولاد عمى عيسى، وبعضهم نزل غرداية، وهم اللالوتيون، وبعضهم العطف، ومن جربة عمى سعيد وتناسل في غرداية، وقليل من بني ميزاب جاءوا من جربة ونفوسة أولاد أبي مسور في العطف، وجاء أيضاً من تاهرت، وجاءوا أيضاً من ناحية فساطو من جبل نفوسة، وسبب انضمامهم إلى موضع الجدب هو الخوف من الجورة.
11
فكانت جبال بني مصعب (وادي مزاب) أحسن ملجأ لها (لإباضية بلاد وارجلان وأريغ)، وأمنع حصن لأجيالها المتعاقبة فتكاثرت الهجرة إليها منها ومن سجلماسة بعد انقراض ملك بني مدرارا مستعمرة تيهرت ومن نواحي المغرب فتكونت بذلك في عصور متعاقبة بلاد ميزاب السبع.
12
يضاف إلى هذه الهجرات الجماعية استقبال وادي مزاب لعائلات أو لأفراد على مر القرون..، فقد أتى هؤلاء المهاجرون من قصر بني خفيان (قرب المنيعة) وجبل عور وقصر البخاري والمدية ووادي غنيم (قرب الأبيض سيدي الشيخ بالبيض) ومن جبل نفوسة وجربة، ومن سجلماسة، وفيقيق والساقية الحمراء وغيرها، هؤلاء القادمون جميعهم إباضية أو اعتنقوا المذهب الإباضي عند استقرارهم بالمنطقة، ويطلق عليهم جميعا اسم بني ميزاب مثل من سبقهم.
13
وهناك هجرات أخرى لأسباب سياسية أهمها
14:
- انقراض دولة بني مدرار في سجلماسة عام 366هـ/967م، والتي استمرت من 140هـ/757م إلى 366هـ/976م على مذهب الصفرية.
- وصول بني هلال إلى المغرب عام 443هـ/1050م.
- التخريب الأول لسدراتة عام 467هـ/1075م على يد أحد أمراء قلعة بني حماد المنصور بن ناصر.
- التخريب الثاني لسدراتة عام 626هـ/1229م على يد يحيى بن إسحاق الميورقي المرابطي، المعروف بابن غانية في ثورته ضد الموحدين،
فخربت سدراتة نهائيا عام 672هـ/1274م
_____________________
النامي عمرو خليفة، دراسات عن الإباضية، ص: 109 - 114 (بتصرف).
2 علي يحيى معمر، الإباضية في موكب التاريخ، ح: 4، ص: 415.
3 المدني أحمد توفيق، كتاب الجزائر، ص: 110.
4 الحاج سعيد يوسف، تاريخ بني ميزاب، ص: 24، عن: الشيخ متياز إبراهيم، تاريخ ميزاب (مخطوط)، ص: 71 - 73.
5 علي يحيى معمر، مصدر سابق، ص: 436 - 437.
6 النوري محمد حمو عيسى، نبذة من حياة الميزابيين، ج: 1، ص: 56.
7 مزهودي مسعود، الإباضية في المغرب الأوسط، ص61.
8 اطفيش امحمد بن يوسف، رسالة مخطوطة في تاريخ ميزاب، ص: 38.
9 أبي زكرياء يحيى بن أبي بكر، سير الأئمة وأخبارهم، تحقيق: العربي إسماعيل، ص: 175.
10 الحاج سعيد يوسف، تاريخ بني ميزاب، ص: 24، عن: الشيخ متياز إبراهيم، تاريخ ميزاب (مخطوط)، ص: 71 - 73.
11 اطفيش امحمد بن يوسف، مصدر سابق، ص: 38.
12 المدني أحمد توفيق، كتاب الجزائر، ص: 110.
13 النوري محمد حمو عيسى، نبذة من حياة الميزابيين، ج: 1، ص:
14 الحاج سعيد يوسف، مصدر سابق، ص: 26 - 27.